تنتج
الكثير من أوجاعنا الشائعة عن نقص تروية الجسم و حرمانه من القدر المطلوب
من الماء .. و تؤكد الدراسات العلمية أن نحو (90%) من سكان العالم يعانون
من حالة جفاف مزمن (Chronic Dehydration) نتيجة لإهمال أخذ حاجاتهم
الكافية من الماء.
و الحقيقة؛
أننا لا نحصل على كفايتنا من الماء .. و لا نحسن الاستماع للغة أجسادنا
من الجفاف و نقص التروية دون أن نلحظ ذلك .. و إذا كان الناس لا يربطون
بين التوتر و التبدل في المزاج و ضعف الذاكرة و التعب و الإرهاق المزمن و
آلام المفاصل .. و بين كمية الماء الذي يشربونه، فهذا لا يعني أن العلاقة
غير موجودة!
فهناك
العديد من المخاطر التي تهدد صحتك، و التي تنشأ عن نقص تناول الماء، و
ضعف التروية الخلوية، و بالتالي تركيز السموم داخل خلايا الجسم، حيث تعزز هذه السموم من فرص الإصابة بالعديد من الأمراض على النحو التالي:
1)تحفز بعض السموم تسرطن الخلايا،
أي تحولها إلى خلايا سرطانية، و لذلك ينصح معالجو السرطان بالإكثار من
شرب الماء النقي الي يعمل على غسل الدورة الدموية من السموم المسرطنة على
المدى الطويل.
2)يرى
بعض المختصين في علاج أمراض المفاصل المزمنة هو ترسب الأملاح و السموم
الناتجة عن عمليات الأيض المختلف حول المفاصل، و عدم وجود كمية كافية من
الماء تسمح
بغسيل هذه الترسبات و طردها من الدورة الدموية، و قد أكدت الأبحاث أن أغلب
حالات ألم المفاصل تستجيب من خلال تناول كميات وفيرة من الماء النقي
يومياً، حيث يعمل الماء الوفير على ترطيب المفاصل و تنقيتها من الأحماض
الضارة و مخلفات الالتهاب، و لهذا فلا بد للإنسان الذ يريد أن تكون صحته
تامة أن يزود جسمه بالماء عدة مرات.
*و
عندما لا تزود جسمك بالماء الذي يحتاجه ,, و تكتفي بإمداده بالماء فقط
عندما تشعر بالظمأ، ففي هذه الحال لن تفقد حياتك .. و لكنك و لا شك ستفقد
عافيتك .. لأن جسمك لا يعمل بالكفاءة المطلوبة في ظل سياسة التقطير و البخل
بالمياة؛ لذلك يبدأ جسدك بالتمرد و إعلان العصيان .. و تبدأ شكوى المفاصل
و الصداع و الإمساك و غيرها .. من إشارات الخطر و علامات الإنذار التي
يطلقها جسدك معلناً حاجته للمزيد من المياة .. و في أغلب الحالات نعجز عن
ترجمة هذه الاشارات ترجمة صحيحة، فنتصور أننا مرضى بحاجة لأقراص الدواء .. و
الحقيقة أننا ظمأى بحاجة لجرعات إضافية من الماء.
و من الصور التي تصرخ بها أجسادنا صرخا استغاثة للمطالبة بتوفير الماء الأعراض التالية:
1)الاحساس بالتعب و الاجهاد سريعاً.
2)شحوب الوجه و انعدام الحيوية و النضارة.
3)تقصف الأظافر و سقوط الشعر.
4)زيادة مستوى التوتر و الانفعال،
فعندما ينقص الماء في الجسم بنسبة (25%) تتأثر وظائف الخلايا العصبية، و
قدرة الدماغ على إنجاز التفاعلات العصبية. و لحسن الحظ فإن شرب كوب كبير
من الماء قادر -بإذن الله- على تهدئة الأعصاب فوراً عقب التعرض لصدمة
عاطفية أو ضغط مفرط؛ حيث يؤدي الانفعال و التوتر العصبي إلى سلب الماء من
الجسم، مما يولد الاحساس بجفاف الفم؛ و لهذا يُنصح بشرب لتر و نصف من
الماء يومياً لوقف هذه الحلقة المفرغة.
5)الصداع و الدوخة و ضعف التركيز و ربما البلادة، فعملية التفكير تحتاج إلى سيالات عصبية، لا تتوفر إلا بوجود الماء.
6)الشعور بآلام مبرحة بالمفاصل نتيجة
لخشونة الغضاريف و تيبس المفاصل، حيث يسهم الماء في ترطيب (تزيُّت) مفاصل
الجسم و تخفيف احتكاكها، و يوفر حماية لمفاصل الجسم من الصدمات.
7)وهن في العضلات و نقص في أحجامها.
8)جفاف الجلد و ضعف مرونته، و كثرة ظهور البقع و التجاعيد و الطفح الجلدي (الحساسية) و ربما الحكة.
9)قابلية زائدة للإصابة بالتجمعات الدهنية تحت الجلد (السيلولايت).
10)ضعف الدورة الدموية و برودة الأظافر.
11)عسر الهضم و الانتفاخ و عدم الانتفاع من الغذاء نتيجة لكسل عملية الهضم.
12)ضعف وظائف الكلى و قلة حجم البول و ارتفاع القابلية لتكوُّن الحصوات و الشعور بألم أثناء التبول.
13)زيادة احتمال تكوين الحصوات في الكلى أو زيادة حجم الحصوات الموجودة أصلاً.
15)التهابات متكررة بالمسالك البولية، خاصة عند إهمال شرب الماء في الأجواء الحارة.
16)ضعف عملية الإخراج و الإصابة بالإمساك و ميل البراز للون الأسود.
17)تراجع مقلة العين داخل الجمجمة و ضعف الرؤية نتيجة الجفاف الشديد.
18)فساد رائحة الفم و النفس؛ نتيجة لزيادة السموم في الجسم و احتباس المواد الكيميائية الضارة.
19)الإصابة المتكررة بالعدوى و نزلات البرد.
20)قابلية زائدة للإصابة بالجلطات (الخثرات الدموية).
21)السمنة و زيادة الوزن على الرغم منعدم الإفراط في تناول الطعام.
*ملح الطعام:
الأطعمة والأغذية المالحة تزيد من حاجة الجسم إلى الماء؛ لذا ينصح بتجنب
وضع الكثير من الملح على الطعام، والابتعاد عن الأطعمة شديدة الملوحة،
كالأسماك المالحة والمخللات؛ ويفضل استبدال قطرات من الليمون بدلا من الملح
على السلطة، فهي تعمل على تعديل الطعم.
*البهارات والتوابل:
الوجبات والأغذية المحتوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل تتطلب
شرب كميات كبيرة من الماء بعد تناولها؛ لأن هذه الأطعمة تمتص الماء أثناء
تناولها من البلعوم والفم والمعدة؛ محدثة جفافاً في الجسم، ومن ثم الإحساس
بالعطش؛ لذا كان على الصائم أن يتجنب تناول الأطعمة الحريفة والغنية
بالبهارات، خاصة في وجبة السحور.
*المنبهات:
ينصح الخبراء في مجال التغذية بالتقليل من شرب المنبهات كالشاي
والقهوة؛ لاحتوائها على الكافيين الذي يزيد من نشاط الكلى ويعزز دورها في
التخلص من الماء؛ وبالتالي فالمنبهات تزيد من عملية فقدان الماء من
الجسم.
*المشروبات الغازية:
والتي تحتوي على الكربون الذي يسبب الانتفاخ والشعور بالامتلاء، ويمنع
الجسم من الاستفادة من السوائل؛ لذا لا بد من تجنبها أثناء الإفطار.
*الكحوليات:
يمكن تسمة الكحول بعدو الماء، فمن المعروف أنه يعمل على تجفيف الجسم من
الماء. هذا إلى جانب كونه محرماً تماماً وفقاً للتعاليم الإسلامية، و لكن
لزم التنبيه على أثره على مخزون الماء في الجسم.
*أشعة الشمس المباشرة: على الصائم أن يتقي التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترات طويلة، ومن وسائل التخفيف من حرارة الشمس وبالتالي تجنب العطش كما يلي:
-
الإكثار من الاستحمام بالماء الفاتر لتبريد الجسم، واستخدام الصابون للتخلص من زيوت الجسم التي قد تسدُّ المسام العَرَقية.
-
حجب أشعة الشمس عن دخول المنزل أثناء فترة الظهيرة قدر الإمكان، عن طريق غلق الشيش أو الستائر.
-
ارتداء ملابس فاتحة اللون فضفاضة؛ ويفضل أن تكون قطنية لتمتص العرق.
-
الركون إلى الراحة بالقدر الذي يتناسب والجهد المبذول؛ وذلك لتجديد طاقة الجسم الحيوية.
-
الاطمئنان على كبار السن بشكل دوري؛ حيث أنهم من أكثر الفئات تعرضاً للاضطرابات الحرارية.
*6 خرافات حول شرب الماء*
1)تناول كميات كافية من السوائل عالية التركيز من السكر يعمل على تروية الجسم ودفع العطش.
الحقيقة:
السوائل عالية التركيز من السكر تحث الجسم على إدرار البول وزيادة الشعور
بالعطش؛ لذا ينصح الصائم بالاعتدال في تناول الحلويات والمشروبات
الرمضانية عالية التركيز من السكر.
2)شرب كميات كبيرة من الماء مرة واحدة يحمي من الشعور بالعطش أثناء الصيام.
الحقيقة:
المياه الزائدة عن حاجة الجسم تطردها الكلية بعد ساعات قليلة من تناولها؛
مما يؤدي إلى اضطراب أثناء النوم لحاجته للذهاب إلى الحمام، كما يسبب
إرهاقا أثناء فترة النهار.
3)شرب الماء البارد جدا أو المثلج مع بداية الطعام يروي العطش.
الحقيقة:
شرب الماء المثلج مع بداية الطعام يؤثر بشدة على المعدة، حيث يقلل كفاءة
الهضم؛ ويؤدي إلى انقباض الشعيرات الدموية، وبالتالي يُحدث بعض الاضطرابات
الهضمية؛ ولهذا يجب أن تكون درجة الماء معتدلة أو متوسطة البرودة، وأن
تشربها متأنيا، وليس دفعة واحدة.
4)دفع الطعام بالماء أثناء الأكل يوفر فرصة أكبر للحصول على هضم جيد.
الحقيقة:
شرب الماء أثناء الأكل يعطل نزول اللعاب على الأطعمة، فلا تمتزج جيدا في
الفم باللعاب، فيصعب هضمها ويقل انتفاع الجسم بها؛ ولهذا ينصح الأطباء
بعدم شرب الماء أثناء تناول الطعام إلا بنسبة قليلة جداً لتساعد على بلع
الطعام.
5)شرب كمية وافرة من الماء بعد الانتهاء من الطعام مباشرة يساعد عملية الهضم ويقمع العطش.
الحقيقة:
شرب كمية وافرة من الماء بعد الانتهاء من الطعام مباشرة يعرقل عملية
الهضم، ويمنع الجهاز الهضمي من إتمام مهمته على الوجه المطلوب من الجودة؛
لأن كثرة الماء تمنع إفراز العصارة المعدية؛ والصحيح أن يتناول الإنسان
قليلا من الماء بعد تناول الطعام لقمع العطش.
وأنسب
الأوقات لشرب كمية وافرة من الماء هو بعد تناول الطعام بنحو ساعتين، ومن
الأفضل أن يشرب الصائم كميات قليلة من الماء في فترات متقطعة من الليل
طوال الفترة بين الفطور والسحور وعدم الاعتماد على الإحساس بالظمأ من أجل
الشرب.
6)كثرة شرب الماء تؤدي إلى السمنة.
الحقيقة:
أظهرت الدراسات الحديثة أن الماء يلعب دورا مهما في تخفيف الوزن؛ حيث
يعمل على زيادة إفراز هرمون نور أدريتالين الذي يزيد من نشاط الجهاز
العصبي، ويزيد من حرق الدهون؛ مما يساعد في التخلص من الوزن الزائد.
ما المقدار الذي تحتاجه من الماء؟
تتفاوت
كمية الماء اللازمة بتفاوت حاجة الجسم نفسه و العوامل التي تتسبب في فقد
الماء، فقد يكفي لتر واحد من الماء في اليوم للشخص العادي في الظروف
العادية و لكن الجندي الذ ي يحارب في الميدان مثلاً يحتاج إلى خمسة لترات
على الأقل لتعويض ما يفقده عن طريق العرق وحده.
*و
يمكن القول أن الحد الأدنى من الماء الذي يحتاج إليه شخص سليم يومياً
يتراوح بين (8 - 10) أكواب سعة كل منها (240) ملليغراماً؛ مع الأخذ
بالحسبان أن الحاجة إلى الماء تتزايد بازدياد الجهد المبذول كالنشاط العضلي
أو الاتفاع عن سطح الأرض أو ارتفاع درجة حرارة الجو.
كما تتزايد الحاجة إلى كميات أكبر من الماء عند :
-
تناول غذاء غني بالألياف أو عند شرب السوائل التي تحتوي على الكافيين كالشاي و القهوة.
-
و يحتاج ذوو الأوزان فوق المتوسطة إلى شرب كميات كبيرة من الماء
تتجاوز الحد الأدنى الي يحتاج إليه شخص سليم الجسم يومياً، فعلى هؤلاء أن
يتناولواكوباً إضافياً من الماء يومياً مقابل كل (10) كيلوغرامات تزيد عن
الوزن المثالي.
*و عليك بتناول الأكواب الثمانية أو العشرة موزعة على ساعات يوممك؛ لتؤمِّن طريقك إلى جسم أوفر صحة و أكثر لياقة و رشاقة.
و قد تتساءل: ألن تضطرني كثرة الشرب إلى دخول الحمام باستمرار؟ بلى، و لكن بعد أسابيع قليلة ستتكيف مثانتك بحيث تحتاج إلى دخول الحمام مرات أقل.
و
ليس معنى هذا أن ملء الجسم بأكثر من حاجته من الماء لا يخلو من الأضرار،
فالماء الزائد قد يمدد مصل الدم، و يباعد خلايا الأنسجة، و يجعلها تبطؤ في
القيام بعملها، و لكن من النادر أن ينشأ تسمم عن الإسراف في تناول الماء،
اللهم إلا لدى المرضى، أو لدى الذين أجريت لهم عمليات جراحية كبرى.
كتاب: شرب الماء وفق الهدي النبوي مفتاح الصحة المنسي ... د/ صهباء بندق.