المثـــــالــــــــية:
المثالية الأخلاقية والمثالية الفلسفية:
لقد فضحنا الغموض الذي أوجدته اللغة المتداولة بالنسبة للمادية. هذا الغموض نفسه نجده بصدد المثالية.
علينا
بالفعل أيضا أن لانخلط بين المثالية الأخلاقية والمثالية الفلسفية،
فالمثالية الأخلاقية تقوم على أن ينذر الإنسان نفسه من أجل هدف ما ... من
أجل مثال ما .
وتاريخ الحركة العمالية يعلمنا أن عددا لايحصى من
الثوريين، من الماركسيين قد نذروا أنفسهم حتى التضحية بحياتهم من أجل مثل
أعلى أخلاقي، مع كونهم خصوما للمثالية الفلسفية والتي تقول "أن الفكر هو
العنصر الرئيسي الأول والأكثر أهمية " وبعبارة أخرى أن الروح هي التي تخلق
المادة .
يقول باركلي أب المثالية "إن المادة ليست مانظنه عندما نظل
أنها موجودة خارج ذهننا،نظن أن الأشياء موجودة لأننا نراها ،نلمسها .ولأنها
تولد فينا هذه الإحساسات ،نعتقد بوجودها ،ولكن إحساساتنا ليست سوى أفكار
نحملها في ذهننا ،فالأشياء التي ندركها بحواسنا ليست إذن غير أفكارلايمكنها
أن توجد خارج ذهننا "
فالأشياء موجودة بالنسبة لباركلي وهو لاينكر
وجودها وطبيعتها ،ولكنه يِؤكد أنها لاتوجد إلا بشكل إحساسات ،ثم يستنتج أن
إحساساتنا والمواضيع ليست إلا شيء واحد. الأشياء موجودة مؤكدة ولكنها
موجودة فينا في ذهننا وليست لها أي حقيقة واقعية خارج الذهن.
لنلاحظ
مثلا لون وطعما ورائحة وشكل وصلابة معينة مجتمعة بعضها إلى بعض فنعتبر هذه
المجموعة شيئا متميزا نطلق عليه "تفاحة" وتؤلف مجموعة أخرى في الأفكار
مانسميه الحجر والشجرة والكتاب والأشياء الأخرى الملموسة.
نحن إذن ضحية وهم فلسفي عندما نظن أن بوسعنا معرفة الأشياء والعالم ،كأشياء خارجية لأن كل ذالك لاتوجد إلا في ذهننا.
وبرهن باركلي على هذا بعدة أمثلة فيقول.
"تصوروا
إذن أن إحدى اليدين حارة والأخرى باردة .وأن الإثنتين مغموستان في وعاء
مملوء بالماء المعتدل .الحرارة في الوقت نفسه .ألا يظهر أن الماء ساخن
بالنسبة لإحدى اليدين وبار،بالنسبة للأخرى"
يقول أيضا:
"لنأخذ قطعة
من القماش:تقولون أنها حمراء، هل هذا أكيد؟ أكنتم تظنون أن الأحمر في
القماش نفسه أنتم تعلمون أن هناك حيوانات لها عيون مختلفة عن عيوننا ولا
ترى هذا القماش أحمر.كذلك أن المصاب باليرقان يراها صفراءَ! تقولون أن هذا
القماش خفيف، لندعه يقع على نملة، من المؤكد أنها ستجده ثقيلا. من هو على
حق إذا؟ تظنون أنه حار؟ إذا كنتم محمومين ستجدونه بارد. هل هو إذا حار أم
بارد؟"
حجج المثالية:
- الروح تخلق المادة.
- أن العالم لايوجد خارج أفكارنا.
- أفكارنا هي التي تخلق الأشياء:أن الأشياء هي انعكاس لفكرنا.
والاستنتاج
الذي علينا أن نستنتجه من خلال الأطروحة: (كل شيء غير موجود إلا في ذهننا)
هو أن العالم الخارجي غير موجود إلا في ذهننا أي أن العالم الخارجي لا
وجود له، وهذا أيضا ما أكده أفلاطون حين رأى أن الواقع الذي نعيشه/المحيط
الخارجي هو فقط نسخة مشوهة لواقع من الأفكار الدائمة والكاملة والخالدة.
المرجع : كتاب " مبادئ أولية في الفلسفة" لجورج بولتزر