على مَلأ اللهِ أعلنُ روحي وضوئي. وأشهَدُ. فاشهَدْ
أنا ملكُ القدسِ. نجلُ يبوسَ. وريثُ سلالةِ كنعانَ. وحدي
خليفةُ روحِ النبيّ القديمِ الجديدِ محمَّدْ
أنا ملكُ القُدسِ. لا أنتَ، ريتشاردْ!
أنا ملكُ القُدسِ، فاسحَبْ فلولَكْ
مِراسيَ صعبٌ. ولحميَ مُرٌّ
فأطعِمْ قطيعَ جيوشكَ لحمَ الكلابِ،
وأطعِمْ قطيعَ الكلابِ.. خيولَكْ
ضللتَ السبيلَ. ضللتً سبيلكَ أنتَ.. وأخطأتَ أنتَ
تجاوزتَ كلَّ الحدودِ
بلاطي من النار والجمرِ،
أينَ تجرُّ ذيولَكْ؟
وعرشي قصيٌّ. ومُلكي عصيٌّ عليكَ
فكيفَ تتيهُ؟ وكيفَ تُصعِّرُ خدّاً وجيعاً؟
وأنشوطتي أقسمتْ أن تطولَ وتقصُرَ،
حتى تُحاصِرَ طولَكْ
جهلتَ كتابي،
وتاريخَ وجهي وكفِّي وبابي
وعلَّمكَ الحرفَ سيفي
لتقرأ تحت الرمادِ طُلولَكْ
لعلَّكَ تُدركُ أن القديمَ حُلولي
وأنَّ الجديدَ عذابي
يُسفِّهُ فيكَ فضولَكْ
ويرفضُ في إرثِ أهلي حلولَكْ
وأن بزوغَ دمي الحرِّ والحيِّ يكفي أُفولَكْ
فلملِمْ سيوفكَ. واحزِمْ دروعكَ. ريتشارد
وباشِرْ رحيلَكْ
ستنزلُ أنتَ.. لأصعَدْ
بلادي بلادي. ومملكتي القدسُ. ريتشاردْ
وأنتَ اقترفتَ خروجي من البيت، بيتي،
وأنتَ اقترفتَ دخولَكْ
وآن الأوانُ لترحَلَ. ريتشارد
ضبابُك يطلب نوراً جديداً. وأنتَ تحاربُ نوري القديمَ
تجرَّعْ حلاوةَ بأسي. تجرَّعْ مرارةَ يأسكَ،
واجمَعْ شظايا جنونك من تحتِ خُفَّيَّ،
كدِّسْ حَفاءَ هزائمك السودِ. لُذْ
بشراعِ القراصنةِ الطارئينَ. وغرِّبْ
إلى حالِ غربكَ. ريتشارد.
تزولُ جرائمكَ الدامياتُ. وأنتَ تذلُّ. وأنتَ تزولُ
وكم آن لي أن أُذِلَّكَ. كم آنَ لي أن أُزيلَكْ
أنا ملكُ القدسِ. فاختَرْ سبيلَكْ
وهاجِرْ
إلى الموتِ. إن شئتَ. ريتشارد.
وإن شئتَ دربَ الحياةِ فخُذها وسافرْ
على صهواتِ الدماءِ وفي مركباتِ المجازرْ
إلى حيثُ أَلقتْ..
بلادي بلادي. وأنتَ تُكابِرْ
وفي ألفِ ليلٍ وليلٍ تُغامِرْ
فغادِرْ.. وغادِرْ..
إلى حيثُ ألقتْ..
ولا تنسَ. ريتشارد.
أنا ملكُ القدسِ. من أوَّلِ النقْبِ حتى أعالي الجليلِ،
فأينَ ستُشفي غليلَكْ؟
ويا أسداً من دخانٍ وقشٍّ
ونارٍ وبطشٍ
وحقدٍ وجهلٍ وطيشٍ
تزولُ. إذاً. أيها التيسُ. ريتشارد
وقد آنَ لي. آنَ لي. أن أُزيلَكْ
أتفهمُ. ريتشارد؟
ستفهمُ. ريتشارد.
أقولُ لك الآنَ باسم الفصولْ
وباسم النبوءات. باسم الولاداتِ. باسم الأناشيد. باسم البداياتِ
باسم المسيح وباسم الرسولْ
وباسم السنابلِ والورد. باسمِ اللغات وباسم الحقولْ
وباسم الشواطيء. باسم الجبال ووديانها والسهولْ
وباسم الحروبِ أقولُ. وباسم السلامِ أقولْ:
هي القدسُ. روحٌ. وهاجسُ سرٍّ وشعرٍ ومعنى
وجغرافيا تحتفي بالمجرَّةِ حلماً
ويسري إليها نبيٌّ
ووحيٌ يُعرِّجُ في زرقةِ الله والمنتهى
فلا تتوعَّدْ
بسيفِ الجنونِ المجرَّدْ
هي القدسُ ريتشاردْ
لها ما لنا. ولها ما لها
هي القدسُ ريتشارد
وأنتَ تُداهمُها بالصليبِ، وتخلعُ أبوابَها بالمطامعْ
وتجهلُ سرَّ الصليبِ. وحلمَ يسوع المسيحِ. وأحزانَ مَريَمْ
وظِلُّكَ يرسمُ سوقَ أوروپا وتجّارَها والبضائعْ
وأوهامَ شارٍ. وأحلامَ بائعْ
ويرسمُ ظِلُّكَ نجمةَ داوودَ. ريتشارد
وأعلمُ ما لستَ تعلَمْ
هيَ القدسُ. ريتشارد
فلا تتغطرسْ. ولا تتوهَّمْ
ليَ القدسُ. ريتشارد
أنا القُدسُ. ريتشارد
لنا القدسُ. ريتشارد
صليباً. هلالاً. ونجمةَ داوودَ. ريتشارد
وجسمُكَ يلبسُ دِرع الحديدِ
ليخدعَ معنى الوجودِ وربَّ الجنودِ
وروحكَ تخلعُ أسمالها
وتذهبُ ريحُكَ. تذهبُ ريحُكْ
وتذهبُ أنتَ هلاماً
وتبقى كلاماً
يضيقُ عليهِ ضريحُكْ
وللقدسِ أبوابُها الواسعَهْ
وأسماؤها الرائعَهْ
وأسماؤنا الحلوةُ المرَّةُ اللاذعَهْ
وللقدسِ نجمتُها الطالعَهْ
وللقدسِ أقداسُها. فلتحجَّ إليها الشعوبُ
جميعُ الشعوبِ،
قلوباً بإيمانها خاشعَهْ
وطُهْرَ أَكُفٍّ إلى ربها ضارعَهْ
وأقسمُ. أقسمُ. ريتشارد
على صخرةِ القدسِ أقسمُ أن يتكسَّرَ حقدُ السيوفِ
وأن يتحطَّمَ طيشُ الرماحِ
ووعداً. وعهداً. سنخلقُ منها المناجِلَ،
نصنعُ منها المحاريثَ. كيف نشاءُ. ونبدعُ منها المطارِقْ
وفي سِرِّ أنهارها نحنُ نطفئُ وهمَ الحرائقْ
ونُغرقُ حقدَ الخنادقْ
ونُبدعُ دفءَ البيوتِ. ودفءَ القلوبِ. وسحرَ الحدائقْ
وأقسمُ ريتشارد
يميني مشيئَةُ خَلقٍ وخالِقْ
ويا أَسَدَ القشِّ والطيشِ والغشِّ. ريتشارد،
تفضَّلْ
فتحتُ الطريقَ أمامكَ. فارحَلْ
تفضَّلْ
سأعطيكَ بعضَ زهورِ الجليلِ
وبعضَ نبيذِ الخليلِ. وخلِّ الخليلِ
وأعطيكَ زيتونةً لتضيءَ بلادَكَ
أُعطيكَ ذاكرةً من نخيلي
ومن نبعِ موعظتي السلسبيلِ
ولكن.. تفضَّلْ
تَسَهَّلْ
ولا تتمهَّلْ
أنا ملكُ القدسِ. دعْ لي الصليبَ
ودعْ لي الهلالَ. ونجمةَ داوودَ. وارحَلْ
ولا تتمَلْمَلْ
ولا تتطفَّلْ
إذا شئتَ. حيَّاً. سترحَلْ
وإن شئتَ. مَيْتاً. سترحَلْ
تفضَّلْ.. لترحَلْ..
سترحَلْ
إلى حيثُ ألقتْ..
لترحَلْ
إلى حيثُ ألقتْ..
سترحَل
وترحَلْ
وترحَلْ
وترحَلْ..
(الرامة)