السلفية هي المنهج الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون وتابعو التابعين ومن تبعهم بإحسان قولا واعتقادا وعملا، فكل من اتبعهم ووافقهم في هذا المنهج القويم والصراط المستقيم فهو سلفي، ومن أئمة السلفية بعد الصحابة سعيد بن المسيب والحسن البصري والزهري ومالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل ومن وافقهم من الأئمة الأعلام، ومنهج السلفية منهج متكامل في العقائد والعبادات والأخلاق والآداب والسلوك، ولهم قواعد منضبطة في كل باب من أبواب الشريعة؛ فهم مثلا في باب الأسماء والصفات يقرون بما أتى عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويصفون الله تعالى بما وصف به نفسه ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل، وقد خالفهم في هذه المسألة طوائف على نسبة في البعد والقرب كالأشاعرة والمعتزلة والجهمية المعطلة.
وهم في باب الجهاد يدعون للجهاد في سبيل الله تحت راية إسلامية وولاية شرعية لمقصد شرعي، ولتكون كلمة الله هي العليا مع تحقق المصالح وانتفاء المفاسد، وهم مثلا يعتقدون بمكانة أهل البيت وتوقيرهم واحترامهم وحبهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم لا يرون أحدا منهم معصوما غير الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هم في الإيمان كسائر الصحابة؛ منهم السابق بالخيرات والمقتصد والظالم لنفسه، والسلفيون يوقرون أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعرفون قدرهم ومحاسنهم، ويذبون عنهم، ولا يخوضون فيما شجر بينهم، بل يقولون: «رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ»، ولا يجوز أن يجزأ ويقسم المنهج السلفي فيقال: السلفية الجهادية مثلا؛ لأن السلفية منهج متكامل في الإيمان والعبادة والسياسة الشرعية والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أحسن من تكلم في منهجهم بتأصيل، وأسهب فيه بتفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية، وكان في المتأخرين على منهج السلف الإمام محمد بن عبد الوهاب وكثير من العلماء ممن حافظ على منهج السلف، وبقدر موافقة المسلم لهذا المنهج قولا واعتقادا وعملا يكون سنيا سلفيا، وبقدر بعده يكون فيه شيء من المخالفة لمنهج السلف قل أو كثر، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
وكانت القرون الأولى المفضلة هي قرون الخيرية وظهور الدين وانتصار الملة وسيادة الشريعة كما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيح: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»، وقد توافق بعض الطوائف والأفراد السلف في باب من الأبواب فلا يقال لهم: سلفيون، وإنما يقال: وافقوا السلف في هذا الباب.
والسلفيون متفقون على أصول الملة، وقد يختلفون في الفروع، فلا يخرجهم هذا من السلفية كما وقع الخلاف في الفروع بين الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة مع أن جمهور أئمتهم وعلمائهم سلفيون.
د.عائض القرني